إلحق عرق الشيكولاتة البلجيكية الفاخرة

» » حرب الأفكار

شارك أصدقائك



بقلم - حمزة عصام بصنوي ..

أعود بذاكرتي ..
للوراء ليس قليلاً ..
إلى خمسة وعشرين عاماً ..
عندما بدأت صحون البث بالانتشار ..
وظهرت قناة الـMBC والفضائية المصرية لأول مرة .. وكانت أسعار الأطباق اللاقطة مرتفعة وباهظة جداً ..

كُنْتُ وقتها في المرحلة الثانوية ..
وكُنْتُ أسمع حديث الشباب فيما بينهم أنهم انبهروا من شكل المذيعة الفلانية .. ومن شعرها .. فكان الانبهار طبيعياً لمن لا يعرف السفر منهم .. حيث أن هذا المنظر في بيئةٍ محافظة كان غريباً جدا وجديداً ..

وأتذكر محاربة رجال الدين ..
واستصدارهم أمراً سامياً بذلك ..

حتى أن أحد أقاربي كانوا يصوبون على طبقه اللاقط بالبندقيات والمسدسات حتى يسقط ..

وانتهت الحرب سريعاً .. وانتشرت الأطباق حتى في بيوت رجال الدين أنفسهم ..

وكلما مَرَّ يومٌ ..
كلما ازدادت فيها قنوات البث الفضائية ..

حتى أصبح ضمن القائمة أكثر من سبعون قناة دينية وشعبية وشعرية .. مضادة للقنوات التي يُسَمِّيها البعض بالهابطة ..

وليتهم بدلاً من محاربة الفكر بالعشوائية .. أن حاربوها بمثلها ..

فمحاربة الفكر لا يأتي إلا بحربٍ فكرية مضادة .. ما يقول نيوتن في قانونه .. بنفس القوة ومعاكسة لها في الإتجاه ..

حيث مازلنا نرى حرباً شرسة على الكثير من المسلسلات الهابطة والغير محترمة .. والتي تقلل من وعي المشاهد .. وتفقده ثقافته .. خصوصاً تلك الدينية منها .. والتي تحوي الكثير من المغالطات والأخطاء الجسيمة في حق التاريخ والدين ..

وما أقصد هنا ..
أن الممثل الذي نحاربه ..
هو من عامة الناس .. ينتظر رزقه وأجرته من وراء هذا المسلسل ..
والكثير منهم لايعنيه السيناريو ..
أصاب أم أخطأ ..

والسؤال هنا ..

أليس لدينا نحن أيضاً مُنتجين وكُتَّاب نختارهم بعناية ونقوم بنفس الأعمال وبنفس الممثلين ولكن برؤيتنا التي نراها صحيحة .. !! .. ؟؟ ..

أليست هذه هي المواجهة الحقيقية بيننا .. !! .. ؟؟ ..  بدلاً من مهاترات الواتس أب ورسائل طلب المقاطعة .. والتي لا ينفذها أصلاً مرسلها ولايطبق مافيها ..

لماذا لا نكون صادقين مع أنفسنا في ذلك .. !! .. ؟؟ ..

لماذا لا نَعي بأننا نواجه حَرْباً فكرية .. تَسْتَوجبُ مِنا حَرْباً مُضادة .. نُقاوِمُ ما يغزونا به غيرنا ..

بدلاً من وضع اللوم على الممثلين وغيرهم من القائمين .. الباحثين عن أجرتهم فقط .. لا و"نَلْطُمُ" خائبين .. على انهيارٍ في ثقافاتنا .. وسلوكياتنا .. وصلت بنا لدرجة قتلنا من قِبَلِ أبنائنا .. وإخوتنا وأبناء عموتنا وأصدقاءٍ لنا كان يجمعنا بهم السهر والسمر ..

أذكر زعيماً عربياً كان يُدْعَى بيننا بالـ"مجنون" .. فعلها حقاً .. عندما حاول أن يزيحَ معارضيه السنوسية أصحاب الحكم السابق لعهده من أحلام شعبه .. فقام فعلاً بإنتاج فلماً سينمائياً بعنوان"عمر المختار" .. ليزيح الأمير أحمد الشريف السنوسي البطل المجاهد .. والذي كان عمر المختار أحد قواد جيوشه .. لكي تسيطر فكرة البطل الجديد وتغطي عن بطولات السابقين .. أو الأمراء الأصليين .. وهذا ما قصدته ..

وهذه الحرب قد بدأت فعلياً عندما أقرت السياسة الأمريكية عن طريق أحد مفكريها البارزين وهو روبرت ستلوف .. والذي ألف كتاب "معركة الأفكار في الحرب على الإرهاب" ..

وكان قد بدأ تاكر اسكيو مدير الاتصالات العالمية في البيت الأبيض بوضع خطة لنشر الأفكار الأمريكية في الدول العربية والإسلامية ومهد الطريق أمام تأسيس راديو سوا وقناة الحرة وقال في ذلك الوقت "نملك المال .. ونملك الخبرة ..  ونملك الأفكار .. ولن يقدر إنسان على الوقوف أمامنا" ..

واستطاعوا فيما بعد .. وبعد دراسات عميقة أن يكسبوا الحرب .. عن طريق ثغرة قوية .. كانت هي الفاصل في هذه المعركة .. ألا وهي "الجنس" ..

نعم الجنس هو ما يمكن أن نكسب عن طريقة عقول العرب وهو ما يمكن خلاله كسر عزيمتهم وتحطيم نفسياتهم .. إنه باختصار المحفز الأشد إثارة ووسيلة التعذيب الأشد إيلاماً .. فأصبحوا اليوم يستخدمونه لتسويق الأفكار وللتعذيب وأنتم تعرفون وتشاهدون القنوات الأمريكية الناطقة بلغة الجسد ..

فكان للغزو بهذا الإتجاه تأثيره فيما بعد على الإعلام العربي بأكمله والذي انهار فكرياً وبالتالي انهارت الشعوب ثقافياً أمام مايحدث من اغراءات وملذات مختلفة باتجاهاتها ..

فأصبح المحافظ الذي يتمسك بثقافة مثالية معينة محتاراً ماذا يشاهد أبناءه وماذا يتابعون .. وماهي مهاراتهم التي يختارون ..

وأخيراً ..
أدعوا من لديه القدرة ..
      أن يواجه الفكر بمثله ..
والمعلومات والثقافة بمثيلتها ..
وأن يوفق الصادقين لحمل المسؤوليات التي يدافعون بها عن أوطانهم وعن أممهم ..

كي نكون فعلاً ..
"خير أمة أخرجت للناس" ..




 

عن الجريدة Unknown

بوابة أخبار الأمة -جريدة إخبارية -شاملة - مستقلة -نحن نأتيك بحقيقة الأحداث والأخبار بحيادية تامة دون توجه خاص لحكومة أو حزب بعينه كل مايشغلنا هو مصلحة الوطن العليا وسلامة وأمن الامة العربية والإسلامية والبشرية بلا استثناء
»
السابق
رسالة أقدم
«
التالي
رسالة أحدث
التعليقات
0 التعليقات

موضوعات تهمك