والله ما قصدتُ غيرذلك!
ذكر المتنبي في مجلس أمير(الشريف الرضي) بمحضر المعري ,وجماعته ,فأخذ الأمير يطعن على المتنبي , ويضعف شعره , ويذكر مقابحه , وكان المعري حاملاًعلى الأمير لقلة إحسانه إليه ,فحمله ذلك على أن خالفه , وأثنى على المتنبي,وقال : هو أشعر الشعراء وأحسنهم شعراً , ولو لم يكن له إلاّ قصيدته التي أولها
لكِ يا منازلُ في القلوب منازلُ
فأمر به الأمير أن يضرب بالسياط , فضرب وأخرج ,فعظم ذلك على من حضر المجلس , وقالوا للأمير : رجل كبير من أهل العلم تضربه لما يقول عن المتنبي أشعر الشعراء ,ماذلك بصواب! فقال : ليس كما قلتم , وأنماضربته على تعريضه بي! قالوا : وكيف ذلك ؟ قال : لأنه لم يفضله بقصيدة من عالي شعره , وإنما فضّله بتلك القصيدة ,مع إنها ليست من عالي شعرة ,لأنة يقول فيها بعد أبيات :
وإذا أتتك مذمتي من ناقص ٍ ...فهي الشهادةُ لي بأنّي كاملُ
فاستحسن من حضر فهمه , وحدة ذهنه , وعذره فيما فعل .
وسئل المعري بعد ذلك , فقال : نعم والله , ما قصدت غيرذلك.
**
من قم !
أطال رجل اللبث في مجلس الصاحب بن عباد ولم يقتد في القيام بغيره فقال له : من أين أنت ؟ فقال من قم , فقال : إذن فقمْ .
**
لحنٌ مُستملح
قصد رجل الحجاج بن يوسف فأنشدة :
أبا هشام ٍ ببـابك ...قـد شمَّ ريح كبابكْ
فقال ويحك ! لمَ نصبت : أبا هشام ؟
فقال الكنية كنيتي ,إن شئت رفعتها , وإن شئتُ نصبتها!
**
أحسنت!
قيل : إن المتوكل رمى عصفوراً فلم يُصبه وطار, فقال له ابن حمدان :أحسنت.
فقال المتوكل : كيف أحسنت ! قال :أحسنت إلىالعصفور!.
***
هشام و أبو النجم
أرق هشام ليلة فقال لحاجبه :ابغي رجلاً عربياً فصيحاً يحادثني ويُنشدني ,فطلب له ما طلب ,فوقف على (أبي النجم ) ,فأتى .فلما دخل به إليه قال : فمن كان أبا مثواك ؟قال :رجلين :كلبياً وتغلبياً , أتغدى عند أحدهما وأتعشى عند الأخر.فقال ما لك من الولد ؟ قال :ثلاث بنات وبُنيّ ,فقال هل زوجت بناتك ؟قال :نعم ,زوجت اثنتين واحدة تجمز (تسرع) ,في بيوتنا كأنها نعامه ,قال :فما وصيت به الأولى؟وكانت تسمى بره ,قال:
أوصيتُ من برة َ قلباً حُراً ... بالكلب خيراً والحماةشرّا
لا تسأمي ضرباً لها وجراً ... حتى يروا حُلوَ الحياةمُراً
وإن كستك ذهبــاً ودراً.... والحــيَّ عُميهم بشرطــرّا
فضحك هشام وقال :فما قلت للأخرى ؟قال :قلت :
سُبي الحماة وابهتي عليها ... وإن رنتْ فازْدلفي إليها
وأوجعي بالفهر ركبتيها ... ومرفقيها واضربي جنبيها
لا تخبري الدهر بذاك ابنيها
فضحك هشام حتى بدت نواجدهُ ثمّ قال :ما قلت في الثالثة وفي تأخير تزويجها ؟قال : قلت :
كــأن ظلامة أخت شيــبانْ ... يتــيمةٌ ووالــداها حيَّــان
الجيدُ منها عـطلٌ والآذان...وليس في الرجلين إلاخيطان
فهي التي يذعر منها الشيطان
فقال هشام لحاجبه :ما فعلت بالدنانير المختومة التي أمرتك بقبضها ؟ قال هاهي عندي ووزنها خمسمائة , قال: فادفعها إلى أبي النجم ليجعلها في رجلي ظلامة مكان الخيطان.
آنسته بخاتمي
قيل إن أبا العباس السفاح كان يوماً مشرفاً على صحن داره ينظرها ومعه امرأته أم سلمة ,فعبثت بخاتمها فسقط من يدها إلى الدار ,فألقىالسفاح خاتمة .فقالت :يا أمير المؤمنين ,ما أردت بهذا ؟قال: خشيت أن يستوحش خاتمك فآنستهُ بخاتمي غيرةً عليه لا انفراده
غلام يغلب ابن شعبة !
قال المغيرة بن شعبة :ما غلبني أحدٌ قط إلا غلام من بني الحارث بن كعب وذلك أني خطبتُ امرأة من بني الحارث , وعندي شاب منهم , فاصغى إلى ,فقال أيهاالأمير رأيت رجلاً يقبلها .قال فبرئت منها .فبلغني أن الفتى تزوجها .فأرسلت إليه فقلت: ألم تخبرني أنك رأيت رجلاً يقبلها ؟قال نعم : رأيت أباها يقبلها !