فى فضيحة قانونية كما وصفها المحامى خالد على، وبعض القانونيين، قامت حكومة العسكر، باستباق الحكم فى النقض الذى تقدمت به على حكم الإدارية ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة العربية السعودية، وقامت باستشكال على الحكم أمام محكمة غير مختصة (محكمة القاهرة للأمور المستعجلة)، الأمر الذى وصفه قانونيون وسياسيون بأنه سابقة خطيرة.
وقضت محكمة القضاء الإدارى فى يونيو الماضى، ببطلان اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية استنادًا إلى "بطلان توقيع ممثل حكومة العسكر على الاتفاقية المتضمنة التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير للسعودية مع ما ترتب على ذلك من آثار، أخصها استمرار هاتين الجزيرتين ضمن الإقليم البري المصري وضمن حدود الدولة المصرية واستمرار سيادتها عليهما، وحظر تغيير وضعها بأي شكل أو إجراء لصالح أي دولة أخرى".
وطعنت هيئة قضايا الدولة (ممثلة للحكومة) على الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا (هيئة قضائية أعلى تصدر أحكامًا نهائية)، على حكم القضاء الإدارى، القاضى ببطلان توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية.
وقال المحامى خالد على، رئيس هيئة الدفاع عن "مصرية تيران وصنافير" – المتواجد بألمانيا حاليًا - عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك": "جاء تليفون من مصر يخبرني أن الحكومة ( هيئة قضايا الدولة) تقدمت باستشكال على تنفيذ حكم تيران الصادر لصالحنا من محكمة القضاء الإداري أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة بالرغم أنها محكمة غير مختصة، فأحكام القضاء الإداري -وفقا لدستورها ٢٠١٢ - ٢٠١٤ وقانون مجلس الدولة- لا يوقف تنفيذها إلا حكم من نفس المحكمة التى أصدرت الحكم المطلوب وقف تنفيذه أو حكم من المحكمة الإدارية العليا".
وأوضح علي أن "الحكومة طاعنة على الحكم أمام الإدارية العليا ولكن لن يتم نظر الطعن إلا بعد الفصل فى طلب رد المحكمة الذى قدمه الزميل محمد عادل سليمان، فما كان من الحكومة إلا أن تقدمت بطعن أمام محكمة مدنية غير مختصة لمحاولة استصدار حكم منها، وتداولت بعض الصحف خبر أن الجلسة يوم الثلاثاء القادم أمام الدائرة الرابعة بمحكمة عابدين، فالحكومة تحاول وقف تنفيذ الحكم حتى تتمكن من عرض الاتفاقية على البرلمان لتفرض واقع جديد على الأرض".
وقال الدكتور محمد محيي الدين، البرلماني السابق، إنه تواصل مع علي ليوضح له تفاصيل الطعن المقدم من الحكومة، ووجد بالفعل أن هناك استشكالاً قدمته الحكومة على حكم مصرية الجزيرتين، متوقعًا أن من تقدم به "هو محام صغير من المحسوبين على النظام".
واعتبر محيي الدين فى تصريحات صحفية، أن "الاستشكال مرفوض شكلًا وموضوعًا وهو أشبه بتوجه مريض إلى دكتور نساء وتوليد، رغم أنه بحاجة لاستئصال الزائدة الدودية"، لافتًا أن "الأمر فى غير محله من الناحية الدستورية والقانونية".
وأشار إلى أن "هيئة قضايا الدولة تسئ لتاريخها بالإقدام على هذه الخطوة الغير مدروسة، خصوصًا وأنها تعلم أنها توجهت إلى محكمة غير مختصة للحصول على حكم وهو ما يناقض الدستور والقانون"، مستبعدًا أن "تكون هيئة قضايا الدولة قد تورطت بشكل مباشر فى هذه السقطة".
وأضاف: "الخطوة تدل على فقدان الأمل فى الحصول على حكم من مجلس الدولة لسعودة الجزيرتين، وتدل على أن هناك من يعمل لصالح الأشقاء ولو على حساب بلده وضميره".
وتابع قائلًا: "محكمة عابدين المقدم أمامها الاستشكال سترفضه، وإذا قبلته فإن ذلك سيُشكل إهانة بالغة للقضاء المصري بأن تُقدم محكمة على إصدار حكم ليس فى اختصاصها".
وعن زيارة خالد علي لألمانيا، قال محيي الدين، إنها "جاءت للحصول على معلومات جديدة تثبت أن الجزيرتين مصريتين ونجح فى ذلك، حيث إن المرحلة الحالية تحتاج إلى أدلة جديدة وبراهين لمواجهة ادعاءات الحكومة".
من جانبه، قال الخبير القانونى، شوقى السيد، إن "تقدم المحكمة باستشكال على الحكم الصادر من القضاء الإدارى أمام محكمة عادية يعكس إجراء خاطئًا، لأنه لايجوز تقديم استشكال على هذا الحكم أمام محكمة عادية".
وأضاف السيد أنه "لايجوز وقف تنفيذ الحكم إلا بطلب من الإدارية العليا، لذلك فإن الإشكال محكوم عليه بالرفض طبقًا للدستور والقانون"، لافتًا إلى أن "الطعن الذى تقدمت به الحكومة أمام الإدارية العليا لم يتعرض للموضوع لأنها لازالت تصر على أن القضاء ليس له دخل في القضية، وهذا تفكير خاطئ".
وشهدت مصر، مظاهرات في أبريل الماضى، احتجاجًا على قرار حكومة العسكر بـ"أحقية" السعودية في الجزيرتين بموجب اتفاقية لإعادة ترسيم الحدود، وقعها الطرفان في الشهر ذاته، الأمر الذي اعتبرته جهات معارضة وأحزاب سياسية "تنازلاً عن الأرض".
وردت حكومة العسكر على الانتقادات التي وجهت إليها، بأن الجزيرتين تتبعان السعودية وخضعت للإدارة المصرية عام 1967 بعد اتفاق ثنائي بين القاهرة والرياض بغرض حمايتها لضعف القوات البحرية السعودية آنذاك وكذلك لتستخدمها مصر فى حربها ضد إسرائيل.