قال رئيس لتحرير صحيفة "الأهرام" السابق، عبد الناصر سلامة، إن ، عبد الفتاح السيسي، اختار لمحاورته، ثلاثة رؤساء تحرير للصحف القومية (الأهرام والأخبار والجمهورية)، انتهت صلاحيتهم ومدة تعيينهم، رؤساء تحرير لتلك الصحف، وانتهت أيضا صلاحية من قام بتعيينهم، وهو المجلس الأعلى للصحافة.
واعتبر سلامة أن هذا الأمر يؤكد أن مستشاري السيسي، أو من هم حوله إما يضربون بالقوانين عرض الحائط، أو لا يجيدون فهمها والتعامل معها، أو أنهم مغيبون لا يولون للأمور حقها من البحث والتمحيص، وهم بذلك يمنحون الشرعية للباطل، على حد قوله.
ورأى - في مقاله بعنوان: "حوارات الرئيس"، بجريدة "المصري اليوم"، الخميس - أن حديث السيسي لثلاثة من رؤساء تحرير الصحف في وقت واحد، "سابقة غريبة من نوعها"، مستدركا: "إلا لو كان ذلك على طائرة الرئاسة مثلا، فقد لا يرى أن هناك صحيفة أهم من الأخرى، أو رئيس تحرير أفضل من الآخر، وقد يرى أن هذا هو حجمهم".
وتابع: "لن أُعلِق على اختياره لرؤساء تحرير الصحف الحكومية فقط، دون غيرها، فقد يرى أن الصحف الخاصة أو الحزبية لا تقف في صف الدفاع الأول عنه في هذه المِحنة التي تمر بها البلاد، داخليا وخارجيا، سياسيا واقتصاديا، اجتماعيا ومعنويا".
واستطرد: "لن أُعلِق على اختياره لهذا التوقيت بالذات لإجراء مثل هذا الحوار، بالتأكيد يرى سببا، أو أسبابا جوهرية لإجرائه.. الحديث عن تراجع شعبيته أصبح حديث الساعة.. الحديث عن إعادة الترشح لفترة ثانية من عدمه آخذ في التزايد.. الخوف من المستقبل أصبح الشغل الشاغل للمواطن".
وأردف: "لن أُعلق على أهمية الحوار في صيغته النهائية من عدمه، وهل جاء بجديد، أو تضمن من الأخبار المهمة ما تداوله الناس داخليا، أو ما إذا كان قد وجد اهتماما خارجيا؟".
وأبدى رئيس لتحرير "الأهرام" السابق استغرابه من أن "الرئيس (يقصد السيسي) نفسه هو من يشكو من ضعف أداء هذه الصحف، وهو أول من أثار هذه القضية يوما ما، خلال وجوده في نيويورك، وربما لا يعلم أن تمويل هذه الصحف أصبح يعتمد على الخزانة العامة للدولة بالدرجة الأولى، وربما لا يعلم انهيار التوزيع الحاصل الآن، وربما لا يعلم حجم الخلافات والمشاكل بداخلها، وحجم القضايا المقامة ضدها أمام المحاكم، سواء من العاملين بها أو من خارجها".
واستدرك: "رغم ذلك كان الإبقاء على قياداتها بالمخالفة للقانون، ثم استقبال الرئيس لهم لإجراء ذلك الحوار، الذي من المفترض أن يكون أقوى من ذلك بكثير، مهنيا وفنيا، حتى يمكن أن يجد اهتماما شعبيا ورسميا، داخليا وخارجيا"، على حد قوله.
وواصل سلامة حديثه: "ربما لا يعلم الرئيس أن حجم توزيع الصحف الأخرى، التي لم تُدع إلى الحوار، أكبر من حجم توزيع هذه التي تمت دعوتها، بسبب تلك الأسباب السابق الإشارة إليها، إضافة إلى الأخطاء المهنية اليومية، وأن حجم توزيع صحيفة "المصري اليوم" تحديدا قد فاق أيا منها، وأن هذه الصحف الثلاث تعتمد الآن في توزيعها بالدرجة الأولى على الاشتراكات الرسمية، ومن أبرزها الجهات الحكومية، وطائرات مصر للطيران، والفنادق، ورغم ذلك لم تحاول الدولة تدارك الموقف بالبحث في أسباب الفشل".
واستدرك سلامة: "إلا أن ما يعلمه الرئيس جيدا، بما أنه رئيس للدولة، أي لكل المصريين، أنه رئيس لكل الصحف، العام منها والخاص، الحزبي والحكومي، غير أنه بدا واضحا أن هذه السياسة المطبقة في كل أوجه الحياة الآن، وهى المتعلقة بالتصنيف والاستقطاب، تم تطبيقها حتى على ذلك المستوى المتعلق بالإعلام، أو ذلك المتعلق بالعلاقة مع الرئيس، قد تكون هناك مساحة من الحرية لدى هذه الصحيفة الخاصة أو الحزبية، هي إذن ليست معنا، بل قد تكون ضدنا، قد تكون لديهم مساحة للنقد، لذا يصبحون من المغضوب عليهم".
وشدد سلامة على أن "القضية التي نحن بصددها الآن تأتى خطورتها من تعلقها بمؤسسة الرئاسة، المؤسسة المنوط بها تقويم الأخطاء، المؤسسة التي تمثل ملاذا نهائيا للمضارين، لذا فإن احترام القانون كان يجب أن يمثل الأولوية الأولى لهذه المؤسسة"، حسبما قال.
وتابع: "ربما كانت عملية انتهاء الصلاحية، أو الضعف المهني، هي التي جعلت أحدهم يقبل باللقاء الجماعي، إلا أنني على الجانب الآخر أتوقع أن يعيد الرئيس النظر في ذلك الذي حدث، وأثق أنه سوف يتم توجيه اللوم إلى الذين تجاهلوا الشكل القانوني، أو الذين لم يحرصوا على احترام القانون".
واختتم سلامة مقاله بالتنبيه إلى "أهمية التوجيه بتدارك الأمر، بإعمال القانون والدستور، وتغيير القيادات منتهية الصلاحية في كل المواقع، وليست الصحفية فقط".
وقال: "يجب أن نخرج من حالة شبه الدولة إلى حالة الدولة مكتملة المؤسسات والأركان، ولا يجب أبدا استمراء هذه الحالة الفوضوية، حتى لو كانت تتعلق بفواتير يتم سدادها لهذا التيار أو ذاك"، وذلك في إشارة من سلامة، فيما يبدو، إلى انتماء رئيسي تحرير صحيفتي الأهرام والأخبار (محمد عبد الهادي علام، وياسر رزق) إلى التيار الناصري.