صعّد السلفيون هجومهم على وزارة الأوقاف، معلنين
تضامنهم مع مشيخة الأزهر فى صراعها مع الوزير الدكتور محمد مختار جمعة،
ومطالبين بإقالته.
وطالب جمال متولى، القيادى بالدعوة السلفية،
بإقالة وزير الأوقاف، وقال لـ«الوطن»، إن «جمعة» تعامل مع قضية تجديد
الخطاب الدينى بسطحية، وزعم أن الخطبة المكتوبة لمنع التطرّف، مع أن
التكفيريين لم ينحرف فكرهم عن طريق سماع الخطب، بل عن طريق الجلسات الخاصة
مع المتشدّدين الجهلة فى أوكارهم، وربما الكثير على مجموعات «فيس بوك»
السرية، حيث يبثون الأفكار الضالة، ويدفعون الشباب باتجاه التكفير والتفجير
وإيقاع الأذى بالشعب، ومؤسسات الدولة والمرافق العامة.
وقال الشيخ طارق البيطار، رئيس مجلس إدارة الدعوة
بكفر الشيخ، إن وزير الأوقاف يُخفى فشله فى إدارة الوزارة بمعاقبة مشايخ
السلفية، ومنهم الدكتور ياسر برهامى، نائب رئيس الدعوة، وباقى مشايخ التيار
السلفى، حيث عجزت الأوقاف عن توفير خطباء وأئمة للمساجد، كما عجزت عن
صيانتها. وأضاف: نحن نهاجم أفكار «داعش»، فليس هناك وجه للمقارنة بيننا
وبينهم، ونفضح منهجهم المنحرف الضال، لكن هناك مسئولين بالأوقاف يجب أن
يُحاسبوا على أفعالهم غير المسئولة. وهاجم «البيطار» وزير الأوقاف، قائلاً:
ما يقوم به «جمعة» ليس مفيداً لمصر ولا للدين، فالدولة فى حالة حرب مع
الإرهاب وهناك انتشار للفكر التكفيرى بين الشباب، وتلك الخطبة لن تُحد من
هذا الفكر، فالخطيب هو الذى يكتبها ولا تُملى عليه، فما يحدث لا يُرضى
العلماء، فالكبار منهم هاجموا الوزير ووصفوه بـ«الفاشل». وأوضح «البيطار»
أن محاربة الفكر التكفيرى تعنى مواجهته بالإبداع الفكرى ونشر الفكر الصحيح
وإعطاء الفرصة للخطباء بالبحث فى الكتب والرجوع إلى المجلدات وإثبات خطأ
تلك الجماعات، وفقاً لكتاب الله وسنة الرسول، صلى الله عليه وسلم.
وقال سامح عبدالحميد، القيادى بالدعوة السلفية،
إن وزير الأوقاف غير متخصص، ويزعم أنه يُحارب غير المتخصصين، فتخصّص وزير
الأوقاف هو النقد الأدبى، فهل ننتظر أن يكون وزير الأوقاف المقبل متخصصاً
فى العلوم الزراعية أو الهندسة؟، وأضاف: ما دخل النقد الأدبى فى الأوقاف
وشئون المساجد والخطابة والفتوى؟ والوزير يُهدد ويتوعّد الجمعية الشرعية،
لأن أحد الخطباء ذكر الحكم الشرعى لشهادات الاستثمار البنكية لقناة السويس،
فى حين يعجز عن وقف حلقة واحدة لمن يسب البخارى؟
وتابع: «الوزير فشل فى الخطبة المكتوبة، وإقالته
هى الحل، فهيئة كبار العلماء، التى تضم كبار المشايخ أصدرت قراراً بإجماع
الآراء برفض «الخطبة المكتوبة»، التى تبدو غير منطقية وتقتل مواهب الأئمة،
ولا تناسب جميع مناطق مصر، فهناك المُدن والقرى والبدو والحضر والمناطق
الشعبية وغير ذلك من التصنيفات، وكل خطيب يعرف احتياجات رواد المسجد، ويلمس
ما يُناسب أهل المنطقة التى يخطب فيها، والمشكلات التى يعانى منها الناس
فى القرى الفقيرة تختلف تماماً عن المناطق الراقية، فمن غير المنطقى توحيد
الخطبة على مستوى الجمهورية، وإذا كانت مهمة الخطيب هى الصعود على المنبر
لقراءة ورقة الأوقاف، فلماذا درس فى الأزهر كل هذه السنوات؟». وكان
السلفيون قد نشروا عدداً من القضايا الخلافية بينهم وبين الأوقاف، عبر
صفحاتهم الخاصة على موقع التواصل، «فيس بوك»، ومنها فصل الكهرباء عن
المساجد، حسب قولهم، وقالوا: يتم فصل الكهرباء عن المساجد إذا لم يتم شحن
رصيد العدادات، ويقوم المُصلون بجمع المال لتحويل الرصيد وإنارة المساجد،
التى أعفاها القانون من دفع فواتير الكهرباء، لأنها غير مملوكة لأشخاص، بل
هى بيوت الله، ورغم ذلك، تخلت عنها وزارة الأوقاف وتركتها تحت تهديد انقطاع
التيار الكهربائى فى هذا الجو الحار، ودون كهرباء نُصلى الفجر والمغرب
والعشاء على ضوء الشموع، وطالبوا مجلس النواب بضرورة سن قانون يحمى المساجد
من هذه المهازل ويمنع تحصيل فواتير الكهرباء منها. قال الشيخ جابر طايع،
رئيس القطاع الدينى بوزارة الأوقاف، إن الوزارة ماضية فى تعميم «الخطبة
المكتوبة»، موضحاً أنه «سيعقد مزيداً من الاجتماعات مع القيادات والأئمة
لشرح آليات تطبيق هذا النظام عبر الحوار والإقناع ودون إكراه، فزمن القهر
قد ولّى، وثقة الوزارة فى أئمتها بلا حدود».
وشدد «طايع»، فى تصريحات أمس، على أن «الوزارة
تطالب إما بضرورة الالتزام بنص الموضوع، أو بجوهره كعمل تنظيمى محض للقضاء
على الفوضى فى الخطاب الدينى، ولحين الانتقال من الخطبة الاسترشادية إلى
الخطبة المعدة من اللجنة العلمية المشكلة لهذه الغرض، فى إطار استراتيجية
الوزارة الشاملة لنشر الفكر الإسلامى المستنير كمشروع فكرى وتنويرى كبير».
من جهة أخرى، عقد الدكتور محمد مختار جمعة، وزير
الأوقاف، اجتماعاً مع قيادات الوزارة وشباب العلماء من حملة الدكتوراه، فى
الديوان العام أمس. وأكدت مصادر فى «الأوقاف» لـ«الوطن» أن «جمعة» عازم على
تطبيق الخطبة المكتوبة دون تراجع، على اعتبار أن «الولاية على المساجد هى
للوزارة فقط، وبالتالى فإن المسئولية الدعوية فى هذه المساجد تقع على عاتق
الأوقاف وحدها».
فى المقابل، أصدر الدكتور أحمد الطيب، شيخ
الأزهر، أمس، تعليمات لأعضاء «هيئة كبار العلماء» بعدم المشاركة فى الجدل
المثار حالياً حول «الخطبة المكتوبة» والاكتفاء بالبيان الصادر عن الهيئة
فى هذا الصدد، والذى رفض تعميم هذه الخطبة «بالإجماع».