كشف، الدكتور "نادر الفرجاني" -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- عن شخصية الرئيس الدُّمْيةُ، الذي عينه قائد الانقلاب العسكري، وكيف سلم مصر المدنية إلى الحكم العسكري.
نشر، "فرجاني" تغريدة عبر صفحته الشخصية بموقع التواصل الإجتماعي "فيسبوك" تحت عنوان "في فهم ما جرى منذ منتصف 2013"
قال فيها:
(1/س) هل كان لمصر حقا رئيس إسمه "عدلي منصور"؟
أعلم أنه في الشكل الخارجي، الخدّاع، كان هناك، شكلا، رئيس للجمهورية إسمه "عدلي منصور"، كان قبلها رئيسا للمحكمة الدستورية العليا، التي عينها اللامبارك الأول، ما يعني موافقة أجهزة الحكم التسلطي الفاسد على التعيين.
ولكن المفارقة الباعثة على السخرية والرثاء معا أن حصول الرجل على منصب رئاسة مصر، وهو رئيس المحكمة الدستورية، كان مغرقا في انعدام الدستورية. فقد استند تعيينه في المنصب على سلطة وزير الدفاع حينئذ المسنودة بالقوة الغاشمة المطيحة بالدستور، أي أن القاضي الدستوري الأكبر في البلاد جاء لمنصب الرئاسة على ظهر الدبابة والإطاحة بالدستور مُعيّنا من رئيس انقلاب عسكري كان، للمبالغة في الخداع، يشغل منصب نائب رئيس للوزراء بعد تعيين رئيس لمجلس الوزراء. في حين كان وزير الدفاع هذا في يقيني صاحب القرار الأول والأخير في كل ما كان يجري في البلد المنكوب بالحكم التسلطي الفاسد الذي أخذ شكل حكم المخابرات العسكرية المباشر".
أضاف "فرجاني": "الآن، وبحكمة التمعن فيما مضى، اوقن أن عدلي منصور كان أول، وأكبر خدعة، اطلقتها المؤسسة العسكرية، المخابرات الحربية تحديدا، للتعمية على حقيقة الانقلاب العسكري. وقد كانت خدعة للحق بالغة الإحكام والاتقان. فالرجل، بسحنته الوقور ومهنته الباعثة على الاحترام كان يدعو للاطمئنان إلى أن البلد ستكون في يد شيخ ناضج ضليع في حماية الدستور والقانون. ومن ثم لم يكن غريبا أن انخدع كثيرون، ومنهم الكاتب، مستبشرين أن سيرأس الدولة رجل دستور وقانون وسيحميهما. ولكن تكشف أن الرجل لم يكن إلا أداة طيعة في يد رئيس الانقلاب مهدرا للأصول القانون ومبددا لنصوص الدستور".
واستطرد قائلاً: "يؤكد على هذا تتبع أهم قراراته التي ضمت: إعلانا دستوريا يؤسس لاستمرار الحكم التسلطي الفاسد، خاصة السلطات الاستبدادية لرئيس الدولة وللطابع الديني للدولة (المادة الثانية)؛ وترقية قائد الانقلاب إلى أعلى رتبة عسكرية في البلاد بلا داعٍ سياسي أو موجب من أصول التقاليد العسكرية (التي تقصر منح هذه الرتبة على القائد المنتصر في حرب ضروس)، في تبادل للمنافع على طريقة "خد وهات، أنا أعينك وإنت ترقّيني".
وتابع قائلاً: "وعيّن الرئيس الدمية لجنة الخمسين لتعديل الدستور التي قامت على إهدار مدنية الدولة ووضع المؤسسة العسكرية فوق مساءلة الشعب ونوابه وأخضع المدنيين للمحاكمات العسكرية؛ ثم اصدر الرئيس الزخرفي قانون منع التظاهر الذي جرّم جميع اشكال التجمع السلمي المشروعة أصولا ودستورا مغلظا العقوبة عليها جميعا، وألغى الحد الاقصي للحبس الاحتياطي محولا الإجراء الاحترازي إلى عقوبة إدارية أسيئ استغلالها بفحش في قادم الأيام؛ ومنع التقاضي في قضايا فساد الحكومة مقيدا السلطة القضائية ومفسدا لهىا".
واردف بقوله: "وهكذا قوّض رجل القانون والدستور، المفترض فيه الأمانة عليهما والحفاظ على روحهما ونصوهما كأسس راسخة للدولة المدنية الحديثة نايا بهما من عبث السلطان ، وأرسى بدلا من ذلك أسس تقويض سيادة القانون والدستور وصيانتهما لحقوق الناس وحرياتهم".
وأختتم "فرجاني" تغريدته بقوله: "بما تعلمون الآن، هل لو كان السلطان البائس الحاكم الآن هو رئيس الجمهورية رسميا منذ 3 يوليو 2013، ماذا كان سيفعل خلاف ما اقترف عدلي منصور"؟
شاهد التغريدة: