قالت صحيفة "الجارديان" البريطانية، إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يسعى من خلال تدخله في سوريا، وقصفه الكثيف لمواقع المدنيين التي تسيطر عليها المعارضة، أن "يستعيد كرامته في سوريا".
وفي مقال للكاتبة البريطانية ناتالي نوغاريدي، اليوم الإثنين، نشره العديد من وكالات الأنباء، قالت الصحيفة: " إنه بعد أيام من تدخل روسيا العسكري في سوريا، في سبتمبر 2015م، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما إن بوتين سيعلق في مستنقع ولن ينجح"، مشيرة إلى أنه ما زال مستمرًا.
وأوضحت نوغاريدي أنه فوق كل هذا، فإن ما يسعى له بوتين عبر قصفه الكثيف لحلب هو "محو إهانة هزيمة الاتحاد السوفييتي بأفغانستان في الثمانينيات"، مشيرة إلى أن الكرملين يذكر أفغانستان، ويريد أن يجعل سوريا عكس تلك الكارثة، لتستعيد روسيا سلطتها كقوة عسكرية.
وقالت الصحيفة إن هذا التدخل هو أول تدخل روسي عسكري خارج البلاد منذ أفغانستان، الذي حصل عام 1979م، بعد أربع سنوات من انضمام بوتين للمخابرات الروسية، ورغم أنه لم يعمل هناك، فإن الأمر أثر فيه.
وأوضحت الكاتبة أن ما يجري الآن في سوريا، يشبه ما جرى في أفغانستان، فقد كانت أميركا متورطة في مشاكلها الخاصة، في فيتنام، ثم في ووترغيت، واليوم تدخل روسيا إلى سوريا في وقت تندفع فيه أمريكا نحو حقبة ترامب السياسية والعزلة المتزايدة.
وفي عام 1979م، طالب المتعاطفون مع السوفييت في الغرب بالتدخل في أفغانستان، واليوم هناك أصوات في أوروبا وأميركا تعبر عن فخر ورضا عن سياسات بوتين في سوريا.
واستدركت الكاتبة بأن المقارنة ليست دقيقة، فالجيش السوفييتي قام بتدخل بري كبير، وصل إلى 115 ألف جندي، بينما لم يتجاوز الأمر بضعة "مستشارين عسكريين" وغطاء جوي في سوريا، كما أن روسيا تملك حليفًا كبيرًٍا في سوريا، هو "إيران"، بعكس ما كانت الحالة في التدخل في أفغانستان، عندما كانت إيران تنظر إلى موسكو كعدو.
وفي عام 1979م، وصف جيمي كارتر احتلال أفغانستان بأنه "التهديد الأكثر خطورة للسلام منذ الحرب العالمية الثانية"، وفي عام 2015م، فإنه بالكاد واجه الرئيس الأميركي باراك أوباما سياسات بوتين.
كما أن هناك اختلافات أخرى، حيث دخلت روسيا إلى أفغانستان عام 1979م، عشية عيد الميلاد، كأنها كانت ترجو أن لا يلاحظ أحد، وفي سبتمبر 2015م، أعلن بوتين عن العملية في سوريا بخطاب في الأمم المتحدة، كما أن الاتحاد السوفييتي كان يكتسب أرباحًا كبيرة من أسعار النفط العالية في الثمانينيات، بعكس فترة الركود التي تعاني منها روسيا اليوم.
ووضعت الكاتبه عدت أسباب لتوضيح تدخل بوتين في سوريا، وهي:
(1) حساسسيته من الانتفاضات الشعبية، فهو يريد منع تغيير النظام كما حصل في تونس في عام 2011م.
(2) تأمين موطئ القدم الروسي الأخير في الشرق الأوسط.
(3) إظهار أن روسيا تقوم بما يجب عليها لحماية حلفائها.
(4) إبعاد النظر عن أوكرانيا، وأخذ التنازلات من الغرب، مثل تخفيف العقوبات.
(5) بوتين انتهازي، واستفاد من عدم رغبة أمريكا في التدخل في الشرق الأوسط.
(6) اعتقاده بأنه بخلق الفوضى يستطيع أن يتجاوز الخطط الغربية.
(7) السياسات الداخلية الروسية، فالخطاب الوطني والعمل العسكري يتوافق مع حاجة بوتين لتأمين بنيته في السلطة.