لم يكتفى عبد الفتاح السيسي بوضع الإقتصاد المصري تحت رحمة القيادة العسكرية بالعديد من القرارات، لكنه يريد أيضًا أن يعوض كل ذلك، بعملة بيع كبيرة للغاية لأملاك الوقف، التى وهبها أصحابها لله، ويريد "السيسى" ورجاله بيعها لسد عجز موازنتهم.
فقد تصدر المشهد خلال الأيام الماضية موجة من الغضب عقب تكليف عبد الفتاح السيسي، رئيس الوزراء السابق إبراهيم محلب، بتشكيل لجنة فرعية لحصر أموال الأوقاف المصرية فى الداخل والخارج تمهيدا لعرضها للبيع، حيث تندرج تلك القرارات ضمن جملة أوامر البيع في ممتتلكات الشعب والتي كان أخرها التنازل عن جزيرتى تيران وصنافير للمملكة العربية السعودية.
ويعتزم السيسى، بيع أموال الأوقاف وإدخالها لخزينة الدولة، الأمر الذى يجعلها تنفق فى رواتب العسكريين والمدنيين، ودعم الثقافة والفن، الأمر الذى يعد مخالفة شرعية صحيحة لشرط الوقف، وهو الدعوة.
ولم يكتفى السيسى بحصر الأوقاف الداخلية، بل قرر عبد الفتاح السيسى، حصر أموال وأراضى وقصور الأوقاف المصرية فى اليونان، ومن بينها أملاك أسرة محمد على باشا، وذلك فى محاولة للاستيلاء عليها بحجة دعم اقتصاد البلاد المأزوم.
واتهم الشيخ سلامة عبد القوي، مستشار وزير الأوقاف في حكومة الدكتور هشام قنديل، عبد الفتاح السيسى بالسير على نهج جمال عبد الناصر فى الاستيلاء على أموال الأوقاف.
وفي تصريح صحفى، اعتبر عبد القوى قرار السيسى بتشكيل لجنة لحصر ممتلكات وزارة الأوقاف برئاسة إبراهيم محلب، بأنه تمهيد لبيعها، ما يعد أمرا مخالفا للشرع والقانون، مؤكدا تعرض أموال وممتلكات الأوقاف للسرقة فى ظل حكم العسكر.
واستند الرافض للبيع، بالقاعدة الأصولية التى تقضي بأن الشرط الواقف كالنص الشارع، مؤكدا على أن صاحب الوقف قد اشترط أوجه البر وليس سلطان الدولة تعبث كيفما تشاء ومنها أمور محرمة.
سيناريو مبارك
سيناريو مبارك
وسبق لنظام مبارك أن طرح فكرة بيع قصر محمد على فى اليونان، فى بداية حقبة التسعينيات من القرن الماضى، فيما قوبلت الفكرة بالرفض من قبل الأثريين الذين أكدوا القيمة التاريخية للقصر
الوقف الخارجى
الوقف الخارجى
يقدر قيمة الأوقاف المصرية فى الخارج بمليارات الجنيهات، ويوجد 90 % منها باليونان، والباقى فى مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة بالسعودية.
وتستحوذ هيئة الأوقاف المصرية على ملفات ومستندات ممتلكاتها فى مصر والخارج، وهو ما يثير التساؤلات حول إصرار نظام السيسي على حصر تلك الأموال الأراضي والعقارات المعروفة بالفعل والموثقة لدى الهيئة.
وتشمل أملاك محمد علي باشا قصرا له وبيتا لوالده، إلى جانب المدرسة البحرية على بحر إيجه، وقصر ومبنى بجزيرة تسس بمساحة 11 ألف متر، و17 قطعة أرض، إلى جانب مبانٍ تاريخية أخرى وأراضى فضاء وبساتين مثمرة، وبعض المنازل القديمة التى تم بناؤها على الطراز الفرعونى.
وأوقاف محمد على باشا تبدو على شكل مجمع معمارى ضخم يعرف باسم "الإيمارت" بجزيرة "كفالا"، وتبلغ مساحته حوالى 4160 مترا مربعا، ويوجد به مبنى "الكلية البحرية" الذى أنشأه والى مصر عام 1824م، وهو يستخدم كفندق وقاعة للمؤتمرات، إلى جانب قصر والد محمد على باشا الذى شهد ولادة حاكم مصر ومؤسس دولتها الحديثة عام 1769.
والقصر مبنى من الحجر الطبيعى والأرضيات والأسقف من الخشب، وهو عبارة عن دورين، والسطح العلوى مائل ومغطى بالقرميد الفخارى، وأمامه حديقة مساحتها ألفا متر مربع، وفيها تمثال محمد علي ممتطيا حصانا متجها نحو مصر.
وتؤجر هيئة الأوقاف ممتلكات مصر باليونان بأسعار زهيدة، فيما تهيمن بلدية "تاسوس وكافالا"، على بعض منها، كما استولى بعض اليونانيين على بعض تلك الأصول ويقومون بتأجيرها من الباطن، وخاصة الأراضى الزراعية.
واعتبر الدكتور محمد إبراهيم رئيس هيئة الأثار الأسبق أن الدول تتباهى بأثارها وتراثها وما يحدث من اتجاه النظام لبيع هذة الأوقاق التى تعد من الأثار المصرية الحديثة والتى تُعبر أيضا عن حقبة تاريخية غيرت مسار مصر كارثة بكل المقاييس.
وأشار إبراهيم فى تصريح صحفى إن حصر أملاك الأوقاف وبيعها بأنه عدم معرفة بالتراث المصرى، وتقدير مكانة مصر الدولية والإقليمية، مؤكدا أن الدول تغنت بوجود حضارة عريقة، تستمد منها الرؤية المستقبلية للحفاظ على التراث وبناء الأمجاد.